فصل: الْفَصْل الثَّالِث: فِي الْكَفَن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ:

قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ الْجِنَازَةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ الْمَيِّتُ عَلَى السَّرِيرِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَيِّتٌ فَهُوَ سَرِيرٌ وَنَعْشٌ وَالْعَامَّةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ قَالَ عِيَاضٌ الْفَتْح وَالْكَسْر مَعًا لِلْمَيِّتِ بِالْفَتْحِ وَالسَّرِيرُ بِالْكَسْرِ فَالْحَرَكَةُ الْعُلْيَا لِلْأَعْلَى وَالسُّفْلَى لِلْأَسْفَلِ وَفِي الْكِتَابِ سِتَّةُ فُصُولٍ وَأَنَا ذَاكِرُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ مِنَ الِاحْتِضَارِ إِلَى التَّعْزِيَةِ.

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الِاحْتِضَارِ:

قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ وَيَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِالتَّفْكِيرِ فِي سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَيَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ مَوْتِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بالرفيق وَفِي رِوَايَة الرفيق الْأَعْلَى يَعْنِي أعلى مُرْتَفَقِ الْجَنَّةِ وَلَا يَتَمَنَّى الْمَوْتَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضَرٍّ نَزَلَ بِهِ وَلَكِنْ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا دَامَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي مَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ التَّوَجُّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْجِهَاتِ وَقَالَهُ الْجُمْهُورُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ كَرَاهَتَهُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُوجِبْهُ وَحَضَرَ احْتِضَارَهُ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَأَنْكَرَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ إِنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَعَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَفْعَلُ أَهْلُهُ ذَلِكَ حَتَّى يُتَيَقَّنَ الْمَوْتُ بِإِشْخَاصِ بَصَرِهِ قَالَ سَنَدٌ وَكَرِهَ مَالِكٌ الْقِرَاءَةَ عِنْدَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ (يَس) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ: «اقْرَأُوا يَس عَلَى مَوْتَاكُمْ» وَيُلَقَّنُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَإِذَا قَضَى أَوَّلُ مَا يُبْدَأُ بِتَغْمِيضِهِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَخَلَ عَلَى أَبِي مَسْلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُقَالُ عِنْدَ تَغْمِيضِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَسَهِّلْ عَلَيْهِ مَوْتَهُ وَأَسْعِدْهُ بِلِقَائِكَ وَاجْعَلْ مَا خَرَجَ إِلَيْهِ خَيْرًا مِمَّا خَرَجَ عَنْهُ وَلَا يَجْلِسُ عِنْدَهُ إِلَّا أَحْسَنُ أَهْلِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا وَيَتَجَنَّبُهُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ يُشَدُّ لِحْيُهُ الْأَسْفَلُ بِعِصَابَةٍ وَيُرْبَطُ فَوْقَ رَأْسِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَ الْهَوَامُّ إِلَى فَمِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأُبِيحَ الْبُكَاءُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ بِغَيْرِ صَوْتٍ فِي الْوَحْدَةِ وَالِاجْتِمَاعِ وَفِي الْبُخَارِيِّ اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَأَتَاهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعُودُهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِي غَاشِيَتِهِ فَقَالَ قَدْ قَضَى قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فبكاه النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَهُ بَكَوْا فَقَالَ أَلَا تَسْمَعُونَ إنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَحُزْنِ الْقَلْبِ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا وَأَشَارَ الى لِسَانه قَالَه ابْنُ حَبِيبٍ وَالنَّوْحُ مَمْنُوعٌ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ لِأَنَّهُ اسْتِغَاثَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِظْهَارُ أَنَّهُ جَار وَفعل غير مَا يَنْبَغِي غير انه قد رَثَى ابْنُ عُمَرَ أَخَاهُ عَاصِمًا بِقَوْلِهِ:
فَإِنْ تَكُ أحزان وفائض دمعة ** جرين وَمَا من دَاخل الْجوف منفعا

تَجَرَّعْتُهَا فِي عَاصِمٍ وَاحْتَسَبْتُهَا ** فَأَعْظَمُ مِنْهَا مَا احتسبنني وَتَجَرَّعَا

فَلَيْتَ الْمَنَايَا كُنَّ خَلَّفْنَ عَاصِمًا ** فَعِشْنَا جَمِيعًا أَوْ ذَهَبْنَ بِنَا مَعَا

دَفَعْنَا بِكَ الْأَيَّامَ حَتَّى إِذَا أَتَتْ ** تُرِيدُكَ لَمْ نَسْطَعْ لَهَا عَنْكَ مَدْفَعَا

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ مِثْلِهِ مِنَ الْمَرَاثِي وَأَمَّا مَا فِيهِ التَّشْنِيعُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا وَفِي أَبِي دَاوُدَ لَعَنَ اللَّهُ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ قَالَ سَنَدٌ هِيَ الَّتِي تَتَّخِذُ النَّوْحَ صَنْعَةً وَإِلَّا فَالْمَرَّةُ مَكْرُوهَةٌ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَرَكَ نِسَاءَ جَعْفَرٍ لَمْ يسكتهن وَفِيه عَن جَابر جي بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَسُمِعَ صَوْتُ صَائِحَةٍ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالُوا ابْنَةُ عَمْرٍو فَقَالَ فَلْتَبْكِ أَوْ لَا تَبْكِي فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ وَفِيهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلَّا نَنُوحَ فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرُ خَمْسِ نِسْوَةٍ سَمَّتْهُنَّ.
فَائِدَةٌ:
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ فِي الْمُوَطَّأِ مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يواخذ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَى بِالنِّيَاحَةِ كَمَا قَالَ طَرَفَةُ:
إِذَا مُتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ ** وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدِ

أَوْ أَنَّهُمْ يذكرُونَ فِي نواحهم مفاخر هِيَ فخار عِنْدَ الشَّرْعِ كَالْغَضَبِ وَالْفُسُوقِ فَيُعَذَّبُ بِهَا أَوْ مَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا يَغْفِرُ الله لأبي عبد الرحمان أَمَا إنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخطَأ إِنَّمَا مر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيَّة يَبْكِي عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّكُمْ لَتَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ.

.الْفَصْل الثَّانِي: فِي الْغسْل:

وَحِكْمَتُهُ التَّأَهُّبُ لِلِقَاءِ الْمَلَكَيْنِ وَهُوَ وَاجِبٌ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ابْنَتِهِ ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَاغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا إِنْ رَأَيْتُنَّ وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرِ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ فَإِنْ أَعَدْنَا الشَّرْطَ عَلَى الْجَمِيعِ فَقَدْ وَقَفَ جُمْلَةَ الْغُسْلِ عَلَى إرادتهن فَلَا يكون وَاجِبا أو نقصره عَلَى الْعَدَدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيَجِبُ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ أَوْ يُقَالُ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ التَّعْلِيمِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً إِلَّا فِي الْكَيْفِيَّةِ فَقَطْ وَهُوَ أَيْضًا قَاعِدَةٌ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ إِذَا خرج فِي سِيَاق الِاسْتِدْلَال بِهِ فِي غَيْرِهِ.
وَفِي الْفَصْلِ ثَلَاثَةُ أَنْظَارٍ:
النَّظَرُ الْأَوَّلُ:
فِي الْغُسْلِ فِي الْجَوَاهِرِ أَقَلُّهُ امرارا المَاء على جملَة الْجَسَد مَعَ الدَّلْك وكما لَهُ حَمْلُهُ إِلَى مَوْضِعٍ خَالٍ لِلسُّتْرَةِ وَيُوضَعُ عَلَى سَرِير ليبعد عَن فَسَاد العفن ويتمكن مِنْ غَسْلِهِ وَيُنْزَعُ قَمِيصُهُ لِيَعْبُرَ الْهَوَى إِلَيْهِ فيبعد عَن الْفساد وَقَالَهُ (ح) خلافًا (ش) مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ غُسِّلَ فِي قَمِيصِهِ جَوَابُهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى طَهَارَتِهِ فَشَابَهَ مَنْ يحمل الْقَمِيصَ لِنَجَاسَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ عَلَى رَأْيٍ وَتُسْتَرُ عَوْرَتُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ السَّوْءَةُ فَقَطْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَى الرُّكْبَةِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتُرُ مِنَ الْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُ الرَّجُلُ مِنَ الرَّجُلِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ جَمِيعَ جَسَدِهَا وَلَا يُرَاعَى الْمَاءُ الْقَرَاحُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لِقَاءُ الْمَلَكَيْنِ وَإِنَّمَا كُرِهَ مَاءُ الْوَرْدِ وَالْقَرَنْفُلِ لِلسَّرَفِ بَلْ هُوَ أفضل وَكُرِهَ الْغُسْلُ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِمَاءِ زَمْزَمَ احْتِرَامًا لَهُ مِنْ نَجَاسَةٍ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ بَعْضِ أَشْيَاخِي عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ فَهُوَ أَوْلَى لِبَرَكَتِهِ وَأَمَّا الْمُسَخَّنُ فَكَرِهَهُ الشَّافِعِيَّةُ لِإِرْخَائِهِ وَاسْتَحَبَّهُ (ح) لِإِنْقَائِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا وَيَبْدَأُ بِغسْل يَدَيْهِ لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام ابدأن بميامينها وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا ثُمَّ يُنَظَّفُ لِيُصَادِفَ الْمَاءُ الطَّهُورُ الْأَعْضَاءَ نَظِيفَةً طَاهِرَةً فَلَا يَفْسُدُ وَلَا يُفْضِي بِيَدِهِ إِلَى عَوْرَتِهِ إِلَّا وَعَلَيْهَا خِرْقَةٌ قَالَ فِي الْمُخْتَصر الا لامر لابد مِنْهُ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مُطْلَقًا وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ وَيَتَعَهَّدُ أَسْنَانَهُ وَمَنْخَرَهُ بِخِرْقَةٍ مَبْلُولَةٍ ثُمَّ يُوَضَّأُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قِيلَ فِي الْأُولَى لِأَنَّهَا هِيَ الْفَرْضُ فَيَكُونُ الْوُضُوءُ مَعَهَا وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْأُولَى تَنْظِيفٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ ثُمَّ يُضْجَعُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ لِيَبْدَأَ بِغَسْلِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ عَلَى الْأَيْمَنِ وَذَلِكَ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَفِي تَكْرِيرِ الْوُضُوءِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ خِلَافٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ بَعْضٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّكْرَارِ يَكُونُ الْوُضُوءُ غَسْلَةً وَاحِدَةً حَتَّى لَا يَصِلَ إِلَى الرَّابِعَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ وَإِلَّا فَخَمْسٌ أَوْ سَبْعٌ ثُمَّ يُنَشَّفُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَنْجَسُ الثَّوْبُ الَّذِي يُنَشَّفُ بِهِ وَقَالَ التُّونِسِيُّ لَا يُصَلَّى فِيهِ حَتَّى يُغْسَلَ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا أَصَابَهُ مَاؤُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ طَاهِرٌ وَيُسْتَعْمَلُ السِّدْرُ وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ إِذَا قُلْنَا الْغُسْلُ لِلْعِبَادَةِ فَيَغْسِلُ بِالْقِرَاحِ ثُمَّ يُضَافُ السِّدْرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ تَعَذَّرَ السِّدْرُ فَمَا يُنَقِّي وَالسِّدْرُ أَفْضَلُ لِتَنْقِيَتِهِ مَعَ شدّه الْأَعْضَاء ثُمَّ الْكَافُورُ فِي الْأَخِيرِ لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْعِطْرِيَّةِ وَمُضَادَّةِ الْعَفَنِ وَشدّه الْأَعْضَاءِ خِلَافًا (ح) فِيهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ابْنَتِهِ اغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرِ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ مِنَ الطِّيبِ فَإِنْ خَرَجَتْ نَجَاسَةٌ بَعْدَ الْغُسْلِ أُزِيلَتْ وَلَمْ يُعَدِ الْغُسْلُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعَادُ الْوُضُوءُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُعَادُ الْغُسْلُ لِيَحْصُلَ آخر أمره طَاهِرَة كَامِلَةٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا كَثُرَ الْأَمْوَاتُ يُكْتَفَى بِصَبِّ الْمَاءِ وَيُدْفَنُ بِغَيْرِ غُسْلٍ مَنْ لَا أَهْلَ لَهُ وَيُجْمَعُ النَّفَرُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَفِي الْكِتَابِ الْمَجْرُوحُ وَالْمَجْدُورُ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَلَّعَ يُصَبُّ عَلَيْهِ المَاء وَلَا يتَيَمَّم وَفِي الْجلاب يُؤْخَذ عزّر الْقُرُوحِ وَلَا تُنْكَأُ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ مَالِكٌ يَغْتَسِلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَحَبُّ إِلَيَّ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ إِذَا وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغُسْلِ بَالَغَ فِي إِنْقَائِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ لِأَنَّهُ غُسْلٌ يُفْعَلُ فِي الْغَيْرِ وَكُلُّ غُسْلٍ يُفْعَلُ فِي الْغَيْرِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ كَغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ ولوغ الْكَلْب وَلَو قيل بِالنِّيَّةِ وَلم يَبْعُدْ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ عُدِمَ الْمَاءُ يُمِّمَ عِنْد مَالك و (ح وش) كَمَا يَتَيَمَّمُ الْحَيُّ وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ يَكْفِي أَحَدَهُمَا وَهُوَ جُنُبٌ وَالْآخَرُ مَيِّتٌ فَالْمَيِّتُ أَوْلَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الْحَيُّ الْجُنُبُ أَوْلَى.
النَّظَرُ الثَّانِي:
فِي الْغَاسِلِ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ لِلْجُنُبِ غُسْلَ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَفِي الْجَوَاهِر يُغَسِّلُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَالْمَرْأَةُ الصَّبِيَّ ابْنَ سَبْعٍ وَالرَّجُلُ الصَّغِيرَةَ جِدًّا دُونَ السَّبْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّبِيَّةَ تُشْتَهَى لِلرِّجَالِ فِي سنّ لَا يشتهى الصَّبِي فِيهِ لِلنِّسَاءِ وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الصَّغِيرَةِ مُطْلَقًا وَالْكَبِيرَةُ لَا يُغَسِّلُهَا الْأَجْنَبِيُّ وَلَا تُغَسِّلُهُ بَلْ يُيَمِّمُهَا إِلَى الْكُوعَيْنِ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لِذَوِي الْمَحَارِمِ مِنَ الْمَرْأَةِ وَتُيَمِّمُهُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ مَعَ الرِّجَالِ لَيْسَ مَعَهُمُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا أَوِ الرَّجُلُ مَعَ النِّسَاءِ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَإِنَّهُمَا يُيَمَّمَانِ وَيُدْفَنَانِ وَمُبَاحَةُ الْوَطْءِ إِلَى حِينِ الْمَوْتِ بِمِلْكِ يَمِينٍ أَوْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ لَا يَقْتَضِي فَسَادُهُ الْفَسْخَ إِلَى حِينِ الْمَوْتِ أَوْ فِيهِ خِيَار عيب أَو فِيهِ لِتَزْوِيجِ الْأَبْعَدِ مَعَ الْأَقْرَبِ يُغَسِّلُهَا وَتُغَسِّلُهُ وَيُمْنَعُ فِي الْفَاسِدِ الَّذِي يُفْسَخُ إِلَى حِينِ الْمَوْتِ وَالَّذِي عَقَدَهُ غَيْرُ الْوَلِيِّ عَلَى ذَاتِ الْقَدْرِ مَعَ وُجُودِهِ وَالرَّجْعِيَّةُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ يَحْدُثُ فِي إِبَاحَةِ الرُّؤْيَةِ بِالْمَوْتِ مَا لَيْسَ قَبْلَهُ بِسَبَبِ تَجَدُّدِ الْمِيرَاثِ وَلَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ فَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُغَسِّلَهَا ثُمَّ كَرِهَهُ قَالَ ابْنُ حبيب وَإِذا انْقَضتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ غَسَّلَتْهُ وَوَافَقَنَا (ش) وَمَنَعَ (ح) أَنْ يُغَسِّلَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ وَالسَّيِّدُ أَمَتَهُ وَأَجَازَ فِي الزَّوْجَةِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهَا فُرْقَةٌ تُبِيحُ أُخْتَهَا فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا كَالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ جَوَابُهُ مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ عَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ وَلَئِنْ سَلَّمْنَاهُ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْفُرْقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ تَمْنَعُ الْمِيرَاثَ وَالْمَوْتُ لَا يَمْنَعُهُ فَلَا يَمْنَعُ النَّظَرَ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ زَوْجَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَسَّلَتْهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَزْوَاجُهُ وَيُرْوَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَسَّلَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ الْمَازرِيّ وَإِذا غسلت الْمَرْأَةُ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَهَا أَنْ تُكَفِّنَهُ وَلَا تُحَنِّطُهُ لِمَنْعِ الْإِحْدَادِ مِنَ الطِّيبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْتُرُ أَحَدُهُمَا عَوْرَةَ الْآخَرِ وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ كَشْفَهَا قِيَاسًا عَلَى الْحَيَاةِ وَيُغَسِّلُ ذُو الْمَحْرَمِ مِنْ فَوْقِ ثَوْبٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهَا مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ وَيُجَافِيهِ لِئَلَّا يَلْصَقَ بِجَسَدِهَا فَيَصِفَهُ وَتُغَسِّلُهُ مِنْ فَوْقِ ثوب عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْكِتَابِ يُغَسِّلْنَهُ وَيَسْتُرْنَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ وَظَاهِرُهُ التَّجْرِيدُ وَرُوِيَ اسْتِحْبَابُ التَّيَمُّمِ فِيهِمَا وَلَوْ حَضَرَ كَافِرٌ مِنْ جِنْسِ الْمَيِّتِ فَقَالَ مَالِكٌ يُعَلِّمُهُ مَنْ حَضَرَ مِنَ النِّسَاءِ وَيُعَلِّمُهَا مَنْ حَضَرَ مِنَ الرِّجَالِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ وِلَايَةَ الْكَافِرِ وَالْكَافِرَةِ لِلْغُسْلِ لِعَدَمِ الْأَمَانَةِ وَجَوَّزَهُ سَحْنُونٌ مَعَ الِاحْتِيَاطِ بِالتَّيَمُّمِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُغَسِّلُ الْمُسْلِمُ زَوْجَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ وَلَا تُغَسِّلُهُ هِيَ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا اجْتَمَعَ مَنْ يَصْلُحُ لِلْغُسْلِ بُدِئَ بِالزَّوْجِ فَإِنْ عُدِمَ أَوِ امْتَنَعَ فَالْأَوْلِيَاءُ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ وَتُقَدَّمُ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ كَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ ثُمَّ عَلَى التَّرْتِيبِ وَيُقْضَى لِلزَّوْجَيْنِ بِهِ إِن طَلَبَاهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقْضَى لِلزَّوْجَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَ يَجُوزُ لِأَوْلِيَائِهِ رُؤْيَتُهُ مُجَرَّدًا بِخِلَافِهَا وَالرَّقِيقُ كَالْأَحْرَارِ فِي الزَّوْجِيَّةِ وَيَتَوَقَّفُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ عَلَى السَّادَاتِ.
النَّظَرُ الثَّالِثُ:
فِي الْمَغْسُولِ وَهُوَ مَيِّتٌ لَيْسَ بِشَهِيدٍ وَلَا فُقِدَ أَكْثَرُهُ وَفِي الْكتاب كره تقليم أظفار الْمَيِّت وَحلق عانته واتباعه بالجمر خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ قَالَ مَالك و (ح) بِدعَة خلافًا (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخْتَنُ لَنَا أَنَّ هَذِهِ لَمْ تَشْتَهِرْ فِي السَّلَفِ فَتَكُونُ بِدْعَةً وَقِيَاسًا عَلَى الْخِتَانِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ أَخْطَأَ الْغَاسِلُ فَفَعَلَ ذَلِكَ ضم فِي الْكَفَن مَا زَالَ مَعَ الْمَيِّتِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَشْهَبُ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ فَعَلَ الْمَرِيضُ ذَلِكَ لِتَخْفِيفِ الْمَرَضِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَانَ لِيَتَهَيَّأَ لِلْمَوْتِ فَلَا قَالَ سَنَد: يَنْبَغِي أَلَّا يُكْرَهَ لِلْمَوْتِ فَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ خُبَيْبًا لَمَّا اجْتَمَعَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى قَتْلِهِ اسْتَعَارَ مُوسًى وَاسْتَحَدَّ بِهَا وَمَوْتُهُ عَلَى أَحْسَنِ الهيآت أفضل قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَا يظفر شَعْرُ الْمَرْأَةِ لِئَلَّا يُنْثَرَ بَعْضُهُ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ قَالَت أم عَطِيَّة فِي الصَّحِيح ظفرنا شعر بنت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ثَلَاث ظفائر نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا وَالَّتِي مِنْ خَلْفِهَا قَالَ أَشْهَبُ وَيُنَقَّى مَا بَيْنَ الْأَظْفَارِ مِنَ الْوَسَخِ وَأَمَّا التَّجْمِيرُ فَلَهُ أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ عِنْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَعِنْدَ الْغُسْلِ يُسْتَحَبُّ لِقَطْعِ الرَّوَائِحِ وَلِتَجْمِيرِ الثِّيَابِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَخَلْفَ الْجِنَازَةِ مُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ لَا تُتْبَعُ الْجِنَازَةُ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ وَلِأَنَّهُ تَفَاؤُلٌ بِالنَّارِ.

.الْفَصْل الثَّالِث: فِي الْكَفَن:

قَالَ اللَّخْمِيُّ الْكَفَنُ وَالدَّفْنُ وَاجِبَانِ قَوْلًا وَاحِدًا وَالْخِلَافُ فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُسْتَحَبُّ فِيهِ الْبَيَاضُ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ وَفِي الْمُعَصْفَرِ خِلَافٌ لِمَالِكٍ وَكَرِهَهُ فِي الْكِتَابِ وَأَمَّا جِنْسُهُ فَكُلُّ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْحَيِّ وَمُنِعَ فِي الْكِتَابِ الْحَرِيرُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أُبِيحَ لِلنِّسَاءِ حَالَةَ الْحَيَاةِ لِلتَّجَمُّلِ وَقَدْ ذَهَبَ وَرُوِيَ جَوَازُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِلْكِبْرِيَاءِ وَقَدْ بَطَلَ وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِلنِّسَاءِ دُونَ حَاجَةٍ كَحَالَةِ الْحَيَاةِ وَكَرِهَ فِي الْكِتَابِ الْخَزَّ لِأَنَّ سَدَاهُ حَرِيرٌ وَأَمَّا عَدَدُهُ فَأَقَلُّهُ ثَوْبٌ سَاتِرٌ لِجَمِيعِ الْجَسَدِ وَالثَّلَاثَةُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فِي التَّرِكَة يجْبر عَلَيْهَا الْوَرَثَةُ وَالْغُرَمَاءُ وَتُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهَا لِأَنَّهَا حَقه وَقَالَ سيحنون إِذَا أَوْصَى بِإِسْقَاطِهَا فَزَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ ثَانِيًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ مَنْعُهُ وَإِنِ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ مَالَهُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْوَاحِدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَفِي مُسْلِمٍ كُفِّنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ وَالْكُرْسُفُ الْقُطْنُ وَالزِّيَادَةُ إِلَى الْخَمْسَةِ مُسْتَحَبَّةٌ لِلرِّجَالِ وَلِلنِّسَاءِ آكَدُ وَإِلَى السَّبْعَةِ مُبَاحَةٌ وَمَا زَادَ فَسَرَفٌ فَلَوْ أَوْصَى بِسَرَفٍ فِي الْعَدَدِ أَوِ الْجِنْسِ أَوِ الْحَنُوطِ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ السَّدَادُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَفِي كَوْنِ الزِّيَادَةِ تَلْزَمُ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ تَسْقُطُ رِوَايَتَانِ وَالْخَمْسَةُ عِمَامَةٌ وَقَمِيصٌ وَمِئْزَرٌ وَلِفَافَتَانِ سَابِغَتَانِ وَلِلْمَرْأَةِ إِزَارٌ وَخِمَارٌ وَدِرْعٌ وَلِفَافَتَانِ وَيُسْتَحَبُّ الشَّدُّ عَلَى المئزر بعصائب من حقوبها إِلَى رُكْبَتَيْهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ فِي الصَّغِيرِ الْوِتْرَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُلَفُّ بِخِرْقَةٍ وَكَرِهَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَ (ش) الْقَمِيصَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُكَفَّنْ فِيهِ وَاسْتَحَبَّهُ (ح) وَابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ وَفِي الْجَوَاهِر الثَّلَاثَة كلهَا لفائف قَالَه ابْن الْقَاسِم وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين يَجِيء عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ وَلِفَافَةٌ وَالْمَرْأَةُ كَالرّجلِ ثمَّ يذر على اللفافة حَنُوطٌ وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ قُطْنٌ عَلَيْهِ كَافُورٌ عَلَى الْمَنَافِذِ ثُمَّ يُلَفُّ الْكَفَنُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُبَخَّرَ بِالْعُودِ وَيُشَدُّ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَقِيلَ يُخَاطُ ثُمَّ يُحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّفْنِ قَالَ الْمَازِرِيُّ مَوَاضِعُ الْحَنُوطِ خَمْسَةٌ ظَاهِرُ الْجَسَدِ وَبَيْنَ الْأَكْفَانِ وَعَلَى مَسَاجِدِهِ السَّبْعِ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ وَالْمَنَافِذِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْمَنْخِرَيْنِ وَالْمَغَابِنِ وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْوَسَخِ كَالْإِبِطَيْنِ وَمَرَاجِعِ الرُّكْبَتَيْنِ فَإِنْ ضَاقَ الطِّيبُ فَالْبِدَايَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْمَسَاجِدِ السَّبْعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ سُرِقَ كَفَنُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى وَرَثَتِهِ تَكْفِينُهُ لِبَقَاءِ الْحَاجَةِ وَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِالتَّرِكَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَلْزَمُهُمْ لِاسْتِقْرَارِ حَقِّهِمْ بَعْدَ دَفْعِ حَقِّهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قُسِّمَتِ التَّرِكَةُ فَلَا وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فَلَا يُكَفَّنُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ دَفْنِهِ وَلَمْ يُقَسِّمِ الْمَالَ وَمَنْ لَا مَالَ لَهُ كُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَفَنُهُ عَلَى طَائِفَةِ الْمُسْلِمِينَ كَسَدِّ خَلَّتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَأَوْجَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْكَفَنَ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فِي الْحَيَاةِ كَالْعَبْدِ مَعَ السَّيِّدِ وَالْوَلَدِ مَعَ أَبِيهِ وَالْأَبِ مَعَهُ طَرْدًا لِلْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَاتِ وَنَفَاهُ أَصْبَغُ لِانْتِفَاءِ الْمَنَافِعِ لِاقْتِضَاءِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ النَّفَقَاتِ وَاسْتَحَبَّهُ سَحْنُونٌ لِلْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ دُونَ الْوَالِدِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْوَلَدِ مُتَأَصِّلَةٌ وَلِلْوَالِدِ عَارِضَةٌ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ عَلَى الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ إِنْ كَانَتْ معسرة وَإِلَّا فَلَا وروى عَنهُ يقْضى عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا وَنَفَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا وَفِي الْجُلَّابِ مَنْ كَفَنُهُ رَهْنٌ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ حَالَةَ الْحَيَاةِ وَلَا يُكَفَّنُ فِي نَجِسٍ إِلَّا أَنْ تَتَعَذَّرَ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ يَنْقَطِعُ الْإِحْرَامُ بِالْمَوْتِ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) خلافًا (ش) فَيعْطى رَأْسُ الْمُحْرِمِ وَيُطَيَّبُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ لَطِيفَ بِهِ وَكَمَلَتْ مَنَاسِكُهُ عَمَلًا بِالْمُوجَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حُجَّتُهُ مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ رَجُلًا وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَمَاتَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا وَمِنْ طَرِيقٍ وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَعْيَانِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَيْسَ عَامًّا بِلَفْظِهِ لِأَنَّهُ فِي شَخْصٍ وَلَا بِمَعْنَاهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ فَيَعُمُّ فَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ لِغَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُطْلَعُ مِنْ خَوَاصِّ الْخَلْقِ عَلَى مَا لم يُعلمهُ فَيخْتَص حكمه بِهِ وَعَن الثَّانِي لَو صَحَّ الْقيَاس لَكَمُلَتِ الْمَنَاسِكُ وَإِلَّا فَلَا.